53معلوم من الدين بالضرورة، واعتبار اتّباعهم واجب شرعي ممّا يعني مساواتهم بالرسول(ص).
والبربهاري ومعه المحقّق كلاهما يهدفان إلى إرهاب المسلمين كي لا يحيدوا عن الروايات ويعملوا عقولهم فيما يسمعون ويتلقّون.
يقول البربهاري محذِّراً: انظر كلّ مَن سمعت كلامه من أهل زمانك فلا تعجلن وتدخلن في شيء منه حتّى تسأل وتنظر: هل تكلّم فيه أحد من أصحاب النبي(ص)، أو أحد من العلماء، فإن أصبت فيه أثراً منهم فتمسّك به ولا تتجاوزه لشيء ولا تختر عليه شيئاً فتسقط في النار.
وهذا الكلام إنّما هو امتداد للكلام السابق المتعلّق بلزوم اتّباع الصحابة والترهيب من الانحراف عنهم، وزاد عليه هنا اتّباع العلماء الذين هم الحنابلة بالطبع.
وهي دعوة صريحة للتمسّك بالأثر وإلغاء العقل والعيش بعقل الماضي، وهي الدعوة التي يتبنّاها الوهّابيّون والجماعات المعاصرة.
ويتحدّث البربهاري بعد ذلك عن وجوب الالتزام بصفات الله سبحانه، كما وردت في القرآن والروايات، وهو تناقض؛ إذ إنّ الروايات التي يتبنّاها الحنابلة حول صفات الله تدور في محيط الحقيقة وهي تصطدم بنصوص القرآن.
والحنابلة يحاولون دائماً إضفاء القداسة على رواياتهم المتعلّقة بالصحابة وصفات الله عن طريق ربطها بالقرآن.
والتيّارات والمذاهب الإسلامية الأُخرى ترفض روايات الحنابلة المتعلّقة بصفات الله؛ خوفاً من الوقوع في التجسيم والتشبيه ونسبة صفة لله سبحانه لا تليق به.
والذين قبلوا هذه الروايات منهم أخذوها على وجه المجاز وقاموا بتأويلها.
وكلا الموقفين لم يعجب الحنابلة على مستوى الماضي، أو الوهّابيّين على مستوى الحاضر، فأنزلوا لعناتهم على المخالفين.
من هنا أصرّ الحنابلة على أنّ القرآن ليس بمخلوق والمراء فيه كفر، كما ذكر