44وإرادته، وربط الحكم بصلاح المسلم ونجاته من النار بالرواية وليس بالقرآن.
وأعلن أنّ الخارج عن السلطان مبتدع مخالف مفارق للجماعة.
وأعلن أنّ الله في السماء فوق العرش يتحرّك ويتكلّم ويضحك ويفرح وينزل إلى الدنيا، وخلق آدم على صورته، ويضع قدمه في النار... ، هذه الصفات التي جاءت بها الروايات ولم يأت بها القرآن، والتي تضع ابن حنبل ومَن سار في ركاب هذه الروايات في دائرة التجسيم.
وأعلن تكفير الجهمية لقولهم بخلق القرآن، وأدخل معهم في دائرة التكفير الشيعة والمعتزلة الذين يتبنّون نفس الفكرة.
وتطرّف ابن حنبل في موقفه أكثر فكفّر الذين يقولون بأنّ القرآن كلام الله وكفى، والذين يقولون بأنّ الألفاظ والتلاوة مخلوقة، وإنّ مَن لم يكفِّر هؤلاء فهو مثلهم.
وأخرج من دائرة الإسلام الذين يتبنّون مواقف من الصحابة كالشيعة والمعتزلة والخوارج وغيرهم، الذين لا يعترفون بمعاوية ويهاجمونه، ويتبنّون نفس الموقف من عمروبنالعاص، أو المغيرة بن شبعة، أو عثمان، أو أبيهريرة، وغيرهم من الصحابة الذين ارتبطوا بالفتن والخلافات التي وقعت بعد وفاة الرسول(ص).
وتجاوز هذا الحدّ بأن حرّض الحاكم عليهم، وأفتاه بجواز تأديبهم وحبسهم وقتلهم.
وحدّد الدين في دائرة الكتاب والسنّة والسلف، أي: ربط الرواية والرجال بالقرآن، فكأنّ مَن نبذ الرواية والرجال نبذ القرآن وخرج من الإسلام؛ وهو بهذا قد أضفى القداسة على الرواية والرجال وأرهب المسلمين من المساس بهما.
وفي رسالة أُخرى لابن حنبل تحت عنوان (كتاب الصلاة) أعلن ابن حنبل تكفير تارك الصلاة وعدم جواز الصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين.
ويظهر لنا - من خلال أفكار ابن حنبل - أنّها استمدّت جميعها من الروايات وأقوال الرجال، أي: السنّة والأثر، فمن ثمّ فهو رجل تقليدي يتعبّد بنصوص التراث كما هي