45كما استثنى فئة منهم تستجير بالرسول(ص): ( وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجٰارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّٰى يَسْمَعَ كَلاٰمَ اللّٰهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاٰ يَعْلَمُونَ ) 1.
وقد تصوّر البعض أنَّ الآيات الأُولى من السورة تنسخ هذه الآية، في حين أنَّ الآية محكَمَة غير منسوخة، ولا قابلة له؛ لأنَّ من الضروري البيِّن من مذاق الدين وظواهر الكتاب والسنَّة أن لا مؤاخذة قبل تمام الحجّة، وهذا أصل لا يقبل بطلاناً ولا تغييراً مادام الإسلام إسلاماً، فالآية محكمة غير قابلة للنسخ إلى يوم القيامة 2. والآية الشريفة تخصيص لعموم آيات القتال، وكما يقول العلّامة الطباطبائي (قدس سره ): «هذا غاية ما يمكن مراعاته من أصول الفضيلة وحفظ الكرامة، ونشر الرحمة والرأفة وشرف الإنسانية، اعتبره القرآن الكريم، وندب إليه الدِّين القويم» 3.
وفي الآية التالية يُلزم المؤمنين بمراعاة عهود أُولئك المشركين الذين يحافظون على عهودهم، ويجعلها من سمات التقوى: (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللّٰهِ وَ عِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عٰاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ فَمَا اسْتَقٰامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) 4.
وفي أخرى يوصي المسلمين بالبرِّ بمَن لا ينازعهم ولا يؤذيهم من المشركين: (لاٰ يَنْهٰاكُمُ اللّٰهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقٰاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَ لَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيٰارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) 5.