38يقول الله سبحانه وتعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّٰهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدّٰاءُ عَلَى الْكُفّٰارِ رُحَمٰاءُ بَيْنَهُمْ ) . فلا يوجد في سيرة المصطفى(ص) أيّ مؤشِّر يدلّ على المساومة والمداهنة مع المشركين وآلهتهم، ولم يفوِّت النبي(ص) فرصة لمواجهتهم، فكيف يساوم ويداهن، والقرآن يخاطبه محُذِّراً: (فَلاٰ تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكٰافِرِينَ ) ، و (وَ لاٰ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) 1؟! وها هووقد أتى إليه قادة المشركين، يقترحون عليه إسلامهم عاماً مقابل عبادته لآلهتهم عاماً آخر، رافضاً اقتراحهم رفضاً باتّاً حين قال: (قُلْ يٰا أَيُّهَا الْكٰافِرُونَ * لاٰ أَعْبُدُ مٰا تَعْبُدُونَ * وَ لاٰ أَنْتُمْ عٰابِدُونَ مٰا أَعْبُدُ * وَ لاٰ أَنٰا عٰابِدٌ مٰا عَبَدْتُّمْ * وَ لاٰ أَنْتُمْ عٰابِدُونَ مٰا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ ) .
ولا محلّ لتوهُّم دلالة الآية على إباحة أخذ كلّ بما يرتضيه من الدين، ولا أنَّه(ص) لا يتعرَّض لدينهم بعد ذلك؛ فالدعوة الحقّة التي يتضمّنها القرآن تدفع ذلك أساساً. 2
إضافة إلى أنَّها تظهر حقيقة عنادهم وعدم إيمانهم بدين الله.
كما تدحض دعوى مَن يدَّعي بأنَّ سيرة النبي(ص) تجاه الكفّار كانت نابعة من ظروف رسالته الوقتيَّة، ولم تُشكِّل حكماً عامّاً للمسلمين بعد ذلك. كيف هذا والقرآن يؤكِّد على استمرارية هذه المواجهة، ويحثّ المسلمين على اقتفاء أثر النبي(ص) في أكثر من آية، حيث يقول تعالى: (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّٰهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكٰافِرِينَ يُجٰاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ وَ لاٰ يَخٰافُونَ لَوْمَةَ لاٰئِمٍ ذٰلِكَ فَضْلُ اللّٰهِ