37ومسك الختام في هذا الحقل هوقول العلّامة الطباطبائي(رحمه الله) عن تشديد نهي القرآن من تولِّي الكفّار وأكل الربا، من بين كافّة المعاصي، حيث يقول في تفسيره الش-ريف: «وليس ذلك إلّا لأنَّ تلك المعاصي لا تتعدَّى الفرد أوالأفراد في بسط آثارها المشؤومة، ولا تسري إلّا إلى بعض جهات النفوس، ولا تحكم إلّا في الأعمال والأفعال، بخلاف هاتين المعصيتين؛ فإنَّ لهما من سوء التأثير ما ينهدم به بُنيان الدين ويعفي أثره، ويفسد به نظام حياة النوع، ويضرب الستر على الفطرة الإنسانية ويسقط حكمها، فيصير نسياً منسياً، على ما سيتَّضح إن شاء الله العزيز بعض الاتّضاح.
وقد صدق جريان التأريخ كتاب الله فيما كان يشدِّد في أمرهما؛ حيث أُهبطت المداهنة والتولِّي والتحابّ والتمايل إلى أعداء الدين، الأُممَ الإسلامية في مهبطٍ من الهلكة، صاروا فيها نهباً منهوباً لغيرهم، لا يملكون مالاً ولا عرضاً ولا نفساً، ولا يستحقُّون موتاً ولا حياة، فلا يُؤذن لهم فيموتوا، ولا يغمض عنهم فيستفيدوا من موهبة الحياة، وهجرهم الدين، وارتحلت عنهم عامّة الفضائل» 1.
4- الغِلظة والشدَّة مع الكفّار سيرة النبي(ص)
فضلاً عن الآيات الموجودة في القرآن عن البراءة من الكفّار والمش-ركين والنهي عن تولِّي الكفّار، هناك آيات أُخرى تعرض سيرة النبي(ص) في مواجهة الأعداء من الكفّار والمشركين، باعتباره الأُسوة الحسنة المتَّبعة لدى المسلمين. والأشهر في هذه الآيات، والتي تصف تعامل الرسول مع الأصدقاء والأعداء، تلك التي جاءت في آية 29 من سورة الفتح، حيث