46فلم يُقرّ أي وسيلة تخالف المنهج الإسلامي الذي رسمه أبوه في التعامل مع الأحداث، صغيرةً كانت أو كبيرة؛ لذا عندما خاطب شيعته بعد الصلح، ذكّرهم بهذا المنهج، وهو أنَّه لو كان يعمل للدنيا، ما كان معاوية بأشدّ حزم وشكيمة منه، ولكنَّ الإمام يسير وفق المصلحة والحكمة. قال:
أمَّا بعد، فإنّكم شيعتنا وأهل مودّتنا، ومَن نعرفه بالنصيحة والصحبة والاستقامة لنا، وقد فهمت ما ذكرتم، ولو كنت بالحزم في أمر الدنيا، وللدنيا أعمل وأنصب، ما كان معاوية بأبأس منّي بأساً، وأشدّ شكيمة، ولكان رأيي غير ما رأيتم، ولكنّي أشهد الله وإيّاكم أنّي لم أرد بما رأيتم إلّا حقن دمائكم، وإصلاح ذات بينكم.... 1
من هنا نفهم قول رسول الله(ص) حينما وصف الإمام(ع) أنَّه: «لو كان العقل رجلاً لكان الحسن». 2
وهكذا سار الإمام الحسن(ع)، على تطبيق المُثل والخلق الإسلامي الذي تربّى عليه، فلو كان يعمل للدنيا، وسلك مسلك مَن يطلب الحكم والسلطان، واستعمل ما كان يفعله معاوية، من إنفاقٍ للمال، وأساليب الترهيب والترغيب بما يملكه، وهو الحاكم آنذاك على المملكة الإسلامية برمَّتها؛ عندئذ لتغيَّرت مجريات الأحداث لصالحه، وما كانت حظوظ معاوية ناجحة في مُجريات الأحداث.