24
[الاجماع على الشفاعة]
ولو لم يقم الإجماع على ثبوتها بهذا المعنى ، وكانت الشفاعة بحيث يصحّ إطلاقها على مجرّد طلب الزيادة ، لكنّا شافعين للرسول بقولنا : «اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد» .
ضرورة أنّا لم نطلب له صلى الله عليه و آله و سلم إلّاالزيادة في فضله .
وحيث بطل هذا القسم تعيّن الثاني .
لا يقال : إنّ ذلك إنّما كان لوضوح علوّ رتبة الشفيع على المشفوع له وانحطاطهم عنه ، وإنّ غرض السائل من الصلوات هو التقرّب بذلك إلى المسؤول ؛ وإن لم يستحقّ المسؤول له بذلك السؤال منفعة زائدة .
فإنّا نقول : إنّ الرتبة غير معتبرة في الشفاعة ، ويدّل عليه لفظ الشفيع المشتقّ من الشفع .
على أنّا ، وإن قطعنا أنّ اللّٰه يكرّم رسوله ويعظّمه ؛ سواء سألت الأُمّة ذلك أو لم تسئله ، ولكنّا لم نقطع بأنّه لا يجوز أن يزيد في إكرامه بسبب سؤال الأُمّة ؛ على وجه لولا سؤالهم لما حصلت الزيادة ، ومع جواز هذا الاحتمال وجب أن يبقى جواز كوننا شافعين للنبيّ صلى الله عليه و آله و سلم .
قال العلامة القوشجي : اتّفق المسلمون في ثبوت الشفاعة ؛ لقوله تعالى :
عَسىٰ أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقٰاماً مَحْمُوداً ، وفُسّر بالشفاعة .
قال : ثمّ اختلفوا : فذهب المعتزلة إلى أنّها زيادة المنافع للمؤمنين المستحقّين للثواب .
وأبطله المصّنف : بأنّ الشفاعة لو كانت كذلك لكُنّا شافعين للنبيّ ؛ لأنّا نطلب زيادة المنافع له .
والتالي باطل ؛ لأنّ الشفيع أعلى رتبة من المشفوع له . إنتهى .