20لا تليق بهم، أو خاطبهم بكلمة نابية أثارت استياءهم، فعليه قبل التوجّه إلى الحجّ، وعند توديعهم، أن يطلب براءة الذمّة منهم، ويقول لهم: بأنّني متوجّه إلى بيت الله الحرام، وسأكون ضيفاً في رحاب الله، وهو محيط بسريرتي، فلا أرغب أن أفد عليه تعالى بسريرة ملوّثة بشوائب المعاصي والتعدّي على حقوق الآخرين، وسأدعو لكم في هذا السفر، فإذا كان لكم في ذمّتي حقّ فأرجو براءة ذمّتي، وأن تسقطوا ذلك الحقّ.
ولا شكّ أنّ هذا النمط من التعامل يثير عواطف الطرف المقابل، ويحرّك مشاعره ويدفعه إلى الرضا عنه، وهذا ما يوجب هيمنة الأجواء المعنويّة على حياة الحاجّ وحياة الآخرين، ويوفّر الأرضيّة المناسبة لمزيد انتفاع الحاجّ من حجّه؛ لأنّ الحاجّ بمبادرته هذه يكون ممّن قصد أن يملأ قلبه من محبّة الله، وهو يعلم بأنّ بقاء جزء يسير من الحقد في قلبه إزاء الناس يحرمه من التوجّه الكامل إلى الله تعالى، وهذا ما يدفعه إلى تطهير قلبه من الشوائب بصورة كاملة، فيكون قلبه مستعدّاً تمام الاستعداد لتقبّل النفحات الإلهيّة المقدّسة.
ومن أهمّ الأُمور الّتي يجدر الانتباه إليها هنا: أنّ الشيطان لا ينفكّ عن وسوسة الإنسان في هذا المجال، فيقول له بأنّ طلبك براءة الذمّة من الآخرين ذلّة ونقصان لمنزلتك الاجتماعيّة، فيصدّه بذلك عن عمل الخير، ولكن ينبغي للحاجّ أن يدركَ بأنّ الاجتناب عن الغرور والكبر يعين صاحبه على تطهير نفسه من الذنوب والمعاصي، ويمهّد له السبيل لتشمله المغفرة الإلهيّة، وإذا لم يتغلّب الحاجّ قبل سفره