53والمناهج العَلِية ؛ يحيىٰ بن معاذ الرازي ، فقال له : أخبرنا عن اللّٰه؟ فقال : إله واحد .
فقال له كيف هو؟ قال : إله قادر . قال : فأين هو؟ قال : بالمرصاد .
فقال السائل : لم أسألك عن هذا . فقال : ما كان غير هذا فهو صفة المخلوق ، فأمّا صفته فالذي أخبرتك عنه .
فالسائل سأل عن الذات والكيفية ، فأجابه هذا الحَبْر بالصفات الجلاليّة القُدسيّة .
و هذا أخذه من قصة سيّدنا موسىٰ عليه السلام مع فرعون اللعين لمّا قال له موسىٰ عليه السلام : إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعٰالَمِينَ فسأله فرعون وَ مٰا رَبُّ الْعٰالَمِينَ 1فقال موسىٰ رَبِّ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ وَ مٰا بَيْنَهُمٰا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ 2 .
فضمّن الجواب العدول عمّا سأل ؛ لأنّه عدل فيه عن مطابقة السؤال ؛ لأنّ فرعون سأل عن ماهيّته سبحانه وتعالىٰ ، وموسىٰ أجابه عن قدرته وصفاته ، فجاز له - حين خلط في السؤال وأخطأ ، وسأل عمّا لا يمكن إدراكه - العدولُ عن سؤاله .
فقال فرعون : أَ لاٰ تَسْتَمِعُونَ 3 أنا أسأله عن شيء ، فيجيب عن غيره .
فقال موسىٰ عليه السلام رَبُّكُمْ وَ رَبُّ آبٰائِكُمُ الْأَوَّلِينَ 4 .
فلما قال موسىٰ عليه السلام ذلك استشعر فرعون أنّه أخطأ في السؤال ، فخشي أن يدرك ذلك جلساؤه ، فقال : إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ رماه بذلك حتّىٰ يتخلص ويصير موسىٰ عليه السلام في مقام لا يُلتفت الىٰ قوله ، ولا يؤخذ به .