52العقول والأفهام ، كما احتجب عن الأبصار فعجز العقل عن الدرك ، والدرك عن الاستنباط ،وانتهىٰ المخلوق الىٰ مثله ، وأسنده الطلب الىٰ شكله . انتهىٰ .
و قولهم : «كلّ صنع» عبّروا بالمصدر عن اسم المفعول ، كقوله تعالىٰ : هٰذٰا خَلْقُ اللّٰهِ 1 .
ومن الجهل البيّن أن يطلب العبد المقهور ب «كُنْ» درك ما لا يُدرك ، كيف ؟ وقد تنزّه عن أن يُدرك بالحواسّ ، أو يتصوّر بالعقل الحادث والقياس ، مَنْ لا يدركه العقل من جهة التمثيل ، ويُدركه من جهة الدليل .
فكلّ ما يتوهّمه العقل لنفسه فهو جسم ، وله نهاية في جسمه وجنسه ونوعه وحركته وسكونه ، مع ما يلزمه من الحدود والمساحة ؛ من الطول والعرض وغير ذلك من صفات الحدث ، تعالىٰ عن ذلك .
فهوالكائن قبل الزمان والمكان، وهوالأوّل قبل سوابق العدم، الأبدي بعد لواحق القِدَم، ليس كذاته ذات ، ولا كصفاته صفات ، جلّت ذاته القديمة - التي لم تُسبق بعدم - أن يكون لها صفة حادثة ،كما يستحيل أن يكون للذات الحادثة صفة قديمة.
قال تعالىٰ : أَ وَ لاٰ يَذْكُرُ الْإِنْسٰانُ أَنّٰا خَلَقْنٰاهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً 2 .
[كلام يحيىٰ بن معاذ في التأويل]
وسأل بعض المخبثين 3 الطوية للإمام العالم العلامة الجامع بين العلوم السَّنّية