51قال ابن عباس رضي اللّٰه عنهما في هذه الآية : معناها ليس له نظير .
وقال أهل التحقيق : ذكر العرش إظهاراً لقدرته ، لا مكاناً لذاته ؛ إذ الذات ممتنعة عن الإحاطة بها والوقوف عليها ، كما أشار الىٰ ذلك في قوله تعالىٰ : اَللّٰهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ .
فسبحانه هو المنزّه عن الشبيه ، القدّوس المبرّأ عن الآفات ، والمُسبَّح بجميع اللغات ، السلام السالم من نقائص المخلوقات ،الصمد السيّد الذي لا يُشبهه شيء من المصنوعات والمخلوقات ، الغنيّ عن الأغيار ، تبارك وتعالىٰ عن أن تحويه الجهات ، الفرد الذي لا نظير له ، المنفرد بصفات الكمال والقدرة ، ومن بعض مقدوراته الكرسيّ والعرش والأرضون والسموات ، شهد لنفسه بالوحدانية ، ونزّهها بالآيات البيّنات ، فصفاته لا يوصف بها غيره .
ومن تعرّض لذلك فقد طعن في كلامه ، وضاهىٰ أهل العناد ، فاستوجب اللعن وأشدّ العقوبات .
[قول البغداديين في التأويل]
قال البغداديّون في قوله تعالىٰ : بَدِيعُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ وَ إِذٰا قَضىٰ أَمْراً فَإِنَّمٰا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 1 : كلّ صُنع صنعه ولا علّة لصنعته ، ليس لذاته مكان ؛ لأنّه قبل الكون والمكان ، وأوجد الأكوان بقوله : كُنْ أزال العلل عن ذاته بالدرك 2 وبالعبارة عنه وبالاشارة ، فلا يبلغ أحد شيئاً من كنه معرفته ؛ لأنّه لا يعلم أحد ما هو إلّاهو ، حيّ قيّوم لا أوّل لحياته ، ولا أمد لبقائه ، احتجب عن